استكمال لتلك الصورة الكريمة للمؤمن .. فلا يكتمل إيمان المؤمن حتى يقيم الصلاة على وجهها ، ويؤديها فى خشوعها وخضوعها ، ولا يكمل إيمانه حتى يكون ـ مع إقامة الصلاة ـ من المنفقين مما رزقه الله ، فى وجوه البرّ والإحسان ..
فإذا فعل المؤمن ذلك ، فأطاع الله ورسوله ، وذكر الله خاشعا متضرعا ، وتلا آياته وجلا خائفا ، وأقام الصلاة ، وأنفق مما رزقه الله فى سبيل الله ـ إذا فعل ذلك كان من المؤمنين حقّا .. أي كان مؤمنا ظاهرا وباطنا .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :
(أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ).
فالمؤمن إيمانا كاملا ، ظاهرا وباطنا ، هو فى مقام كريم عند ربه ، يحفّه بمغفرته ورحمته ، ويفيض عليه من إحسانه وفضله ..
ويلاحظ هنا أن هذا العرض للمؤمنين ، وما ينبغى أن يكون عليه إيمانهم بالله ، هو ـ وإن كان مطلوبا لكل مؤمن بالله ، فى جميع الأحوال والأزمان ـ هو من المطلوبات التي استدعتها تلك الحال التي كان عليها المؤمنون بعد معركة بدر ، فى مواجهة الغنائم التي وقعت لأيديهم فى هذه المعركة.
فلقد أثارت تلك الغنائم غبارا كثيرا فى آفاق المسلمين ، فكان من تدبير الله لهم ، وصنيعه بهم ، أن أجلى هذا الغبار من سمائهم ، وعرض عليهم تلك الصورة الكريمة للمؤمنين ، وأراهم ـ سبحانه ـ أنه يدعوهم إليه ، ويرسم لهم الصورة التي ينبغى أن يكونوا عليها ، وهم يستجيبون له ، ويقبلون عليه ..