من ضلعه ، ولم تكن إلّا مرحلة من مراحل التطور فى خلق آدم ، وأن عملية التكاثر فى تلك المرحلة كانت بانقسام الكائن الحىّ على نفسه ، كما هو الشأن فى بعض المخلوقات الدنيا من الديدان.
(فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ).
أي فلما اتصل بها زوجها ، اتصال الرجل بالمرأة علقت منه بالجنين الذي ولدته بعد أن تم حمله فى بطنها ..
وفى التعبير عن اتصال الرجل بالمرأة بقوله تعالى : (فَلَمَّا تَغَشَّاها) أدب من أدب القرآن ، وإشارة لطيفة إلى ما يكون بين الزوجين ، إذ يغشى الرجل المرأة ، أي يكون لها غشاء ساترا ، رقيقا ، أشبه بالثوب يلبسه الإنسان ، أو أشبه بالليل إذ يغشى النهار ، ويدخل عليه ، فيستر ما فيه من كائنات ، ويحجب الأعين عنها.
وفى قوله تعالى : حملت (حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ) إشارة إلى أول مراحل الحمل ، وأنه يمرّ خفيفا لا نكاد تشعر به.
(فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ)
أي أنه كلما مرّ الزمن بالجنين فى بطن أمه ، نما وكبر ، وصار ذا أثر واضح فى حياتها ، يتغير به تركيبها الجسدى ، فتكبر بطنها ، ويثقل خطوها ، وهنا يذكر كل من المرأة والرجل أن لهما ولدا محجبا فى ستر الغيب ، ستتمخض عنه الأيام ، فيضرعان إلى الله أن يكون هذا الولد نبتة صالحة لهما فى هذه الحياة ، يجدان فيه قرة العين ، وثلج الفؤاد .. وقد قطعا على أنفسهما عهدا أن يحمدا الله ويشكرا له على تلك النعمة.
(فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ).