إليه .. لذلك لم يكن هناك داع لأن يقوم الله تعالى بمهمة كان يقوم بها نفر من عبيده! فما تأويل هذا؟».
وجواب : «إن الأنبياء لم يعلنوا للبشر ذات الله ، بل قاموا فقط بتبليغ أقواله لهم .. إذ فضلا عن أنهم مثل غيرهم من الناس ، غير معصومين من الخطيئة ، الأمر الذي لا يجعلهم أهلا لإعلان ذات الله ، فهم أيضا محدودون فى ذواتهم ، والمحدودون لا يستطيعون أن يعلنوا غير المحدود .. فإذا أضفنا إلى ذلك أن غرض التجسّد لم يكن مجرد إعلان ذاته لليشر ، بل الظهور بينهم بحالة مدركة لهم ، لكى يستطيعوا معرفته والاقتراب منه ، والتوافق معه ـ اتضح لنا أن هذا الاعتراض لا مجال له إطلاقا» (١) .. والذي يرد على هذا الاعتراض هو رجل من رجال الدين المسيحي! وعالم من علماء المسيحية (٢).
وتعليق : وندع مقولته فى عصمة الأنبياء ، وأنهم لهذا ليسوا أهلا لإعلان ذات الله .. ونسأل ما الغاية من إعلان ذات الله؟ وما أثر هذا لإعلان؟ ألا يكفى الإعلان عن آثاره ، وأعماله ، لتكون عند الناس شاهدا على وجوده ، وعلى ماله من صفات الجلال والكمال؟
إن الناس يتمثلون ذوات القادة ، والزعماء ، والعلماء فى آثارهم وأعمالهم ، دون أن يروهم أو يتصلوا بهم .. ومع هذا يحبّون منهم من يحبون ، ويطيعون من يطيعون ، وينقادون لمن ينقادون ، بقدر ما يقع فى نفوسهم مما لهم من آثار وأعمال! ..
ثم ألا يكون هذا الوجود كله ، بما فيه من آيات ، وما يشتمل عليه من عجائب وأسرار تقف أمامها العقول مشدوهة ، وتنظر إليها الأبصار خاشعة ـ
__________________
(١) الله ـ طرق إعلانه عن ذاته للأستاذ عوض سمعان ص ٨٢ وما بعدها.