الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ» (٧٧ : النساء)
فالذى كان مطلوبا أولا من المسلمين أن يكفّوا أيديهم عن الإثم والعدوان وأن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة .. وكان ذلك أول الإسلام ، وعلى الخطوات الأولى من مسيرة المسلمين فيه .. ثم كان بعد ذلك أن فرض الله عليهم القتال ، فرضه عليهم بعد أن قطع بهم على طريق الإسلام تلك المرحلة التي دربوا فيها على الطاعات ، وتوثقت فيها صلتهم بالله
فماذا كان بعد أن كتب عليهم القتال؟ لقد تمنى كثير منهم ألا يكون هذا الحكم فريضة واجبة عليهم .. لقد ضاقت به نفوس ، ووجفت منه قلوب ..
فكيف كان الحال لو أن الأمر بالقتال جاءهم ابتداء ، فكان فرضا لازما من أول يوم الإسلام؟
كان من الخير إذن للمسلمين ألا يسألوا عن مثل هذه الأشياء ، وألا يفتحوا على أنفسهم أبوابا من الأعباء ، سدّها الله دونهم ، وعافاهم مما يجيئهم منها من تكاليف وواجبات .. لا عن نسيان منه ، سبحانه ، وتعالى عن ذلك علوّا كبيرا ، ولكن كان ذلك رحمة وفضلا وإحسانا ..
يقول الرسول الكريم : «إن الله تعالى فرض فرائض فلا تصيّعوها ، وحدّ حدودا فلا تعتدوها ، وحرم أشياء ، فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء رحمة بكم من غير نسيان فلا تسألوا عنها» .. وفى الحديث ، أنه لما نزلت آية الحج ، نادى النبي صلىاللهعليهوسلم فى الناس فقال : «أيها الناس .. إن الله قد كتب عليكم الحج فحجّوا» فقالوا يا رسول الله : أعاما واحدا أم كل عام؟