يوم عظيم ، إذا هم لم يستجيبوا له ، ويستقيموا على الطريق الذي يدعوهم بآيات الله إليه ..
والقوم فى عمى وضلال .. يلقون هذا الدّاعى الكريم بالتكذيب والسفه : (إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) .. أهكذا يجزى المحسنون على ما يقدمون من إحسان؟ ذلك ظلم مبين ، وعدوان آثم على البر والإحسان ..!
والرسول الكريم حريص على سلامة قومه ، ضنين بهم أن تغتالهم الضلالة ويفتك بهم الكفر ، فيلقى سوءهم بإحسان ، ويدفع الشر بالخير : «يا قوم ليس بي ضلالة ولكنى رسول من رب العالمين ، أبلغكم رسالات ربىّ وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون.» ولا تبلغ كلمات الرسول منهم أذنا واعية ، ولا تصادف قلبا متفتحا للخير .. إنهم يحسدون نوحا أن يكون الرجل الذي يتولى مكان القيادة والتوجيه ، ولو كانت قيادته لهم ستفتح عليهم كنوز الأرض ، وأبواب السماء .. «أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون» فذلك هو الداء المتمكن فيهم ، والذي يعزلهم عن نوح ، ويقطع بينهم وبينه الطريق إلى اللقاء ، ويسد بينهم وبينه منافذ التفاهم والفهم. (فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ) .. فهذا هو الجزاء العادل ، لمن انقاد لهواه ، وأبى أن يفتح عينيه على هذا النور الذي يملأ الآفاق من حوله .. إن تلك هى جنايته على نفسه ، وذلك هو مصيره الذي اختاره وارتضاه ..
والملأ : الجماعة من الرجال خاصة.
و «عمين» جمع عم ، وهو الأعمى ، يقال : عمى عمّى فهو أعمى ، وعم .. وأصل «عم» عام ، صيغة مبالغة من اسم الفاعل ، مثل : حاذر وحذر ، وهذا يعنى أن العمى الذي عليه القوم ، ليس عمى طبيعيا ، وإنما هو تعام عن