كما يذهب إلى ذلك أكثر المفسّرين ـ فذلك فهم خاطئ لقدرة الله ، التي تحكم الزمن ولا يحكمها .. (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
فهذه الأيام الستة ، هى المدة التي ينضح فيها خلق السموات والأرض ، وهى الوعاء الحاوي لخلق السموات والأرض ، وتسويتهما على الصورة التي أرادها الله وذلك كما يتخلّق الجنين فى بطن أمّه ، ويتم خلقه فى تسعة أشهر .. وهكذا الشأن فى كل مخلوق .. له وعاء زمنى يتخلق فيه ، وأجل محدود ينتهى إليه ..
وقوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) .. اختلف المفسرون فى العرش وفى صفته ، وفى وظيفته .. كما اختلفوا فى الاستواء .. ما هو؟ وكيف يتصور؟
أما العرش ، فقد ذكر فى القرآن أكثر من مرة .. مثل قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) (٧ : هود).
فالعرش هنا موجود قبل خلق السموات والأرض ، فكيف يجىء فى الآية السابقة معطوفا على خلق السموات والأرض بحرف العطف «ثم»؟.
جاء ذكر العرش فى قوله تعالى : (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) (٨٦ : المؤمنون) وفى قوله سبحانه : (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) (٧٥ : الزمر) وفى قوله تعالى : (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) (١٥ : ١٦ ـ البروج).
فالعرش إذن كون من هذه الأكوان التي خلقها الله سبحانه ، كما خلق السموات والأرض وغيرهما .. إنه مربوب لربّ الأرباب.
ولكن ما صفة هذا العرش؟ وما وظيفته؟.
جاء فى قوله تعالى عن عرش ملكة سبأ : (قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي