إذ ذاك يتساءلون : ما بال هؤلاء القوم؟ وما شأنهم فى هذا الوضع؟ وإذا كانوا قد نجوا من عذاب جهنم ، فلم لم يدخلوا الجنة مع من دخلوها؟.
وعلى هذه الأسئلة وأشباهها يجىء الجواب من قبل الحق سبحانه وتعالى : (لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) أي لم يدخل هؤلاء الجنة بعد ، ولكنهم على طمع من دخولها ، وعلى رجاء من رحمة الله بأن يصيروا إليها ، ولن يخيّب الله رجاءهم فيه .. ولكن صبرا ..
وثالثا : ما يكاد هؤلاء الرجال «النظارة» يرفعون أبصارهم عن أهل الجنة ، ويلقون بها إلى أصحاب النّار ، ليروا كيف يفعل الزمن بهم ، وكيف تستمسك حياتهم وهم فى هذا البلاء ـ ما يكادون يلقون بهذه النظرة حتى تضطرب قلوبهم فزعا ورعبا ، وحتى تنطلق ألسنتهم بهذا الصوت المكروب : (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)!
وفى قوله تعالى : (وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ) إشارة إلى أن هذه النظرة التي ألقوا بأبصارهم إليها نحو أصحاب النار ، لم تكن إلا عن قهر وقسر ، بداعي حبّ الاستطلاع ، الكامن فى طبيعة الإنسان .. فهم قد صرفوا أبصارهم صرفا ، وحوّلوها بقوة عن مكانها الذي كانت فيه ، من النظر إلى أهل الجنة ..
رابعا : وإذ يفزع رجال الأعراف ـ أو النظارة ـ إلى الله سبحانه ، ألّا يجعلهم مع هؤلاء القوم الظالمين من أصحاب النار ـ إذ ذاك يذكرون أهل الجنة وما هم فيه من نعيم ، وكيف كان استهزاء هؤلاء الظالمين بهم فى الدنيا ، وأنهم لم يكونوا أهلا لكرامة الله ، إذ لو كانوا أهلا لتلك الكرامة لما وضعهم بهذا الوضع الذليل من الحاجة والفقر والضعف .. هكذا كان المشركون والكافرون يلقون المؤمنين بمثل هذه المقولات ـ وعندئذ يسأل هؤلاء «النظارة» أصحاب النار فى سخرية واستهزاء ، مشيرين لهم إلى أهل الجنة :