طبيعة الأشياء ، فلن يدخل الجمل فى ثقب الإبرة أبدا ، ولن يدخلوا هم الجنة أبدا .. «وكذلك نجزى المجرمين».
وقد قرىء «الجمّل» وهو الحبل المجدول ، الذي جمع عدّة حبال ، فكان حبلا واحدا فى جملته ..
والسمّ : الثقب ، ومنه سمى السّمّ لأنه ينفذ إلى جسم الإنسان من ثقب تثقبه حمة النحلة أو زنابى العقرب فى جسد اللديغ.
وقوله تعالى : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ).
المهاد : الفراش ، يمهد ويعدّ للنوم عليه ، ومنه : المهد ، وهو فراش المولود ..
والغواشي : جمع غاشية ، وهى ما يغشى الإنسان ويظلله ، حتى يكسر عنه حدّة الضوء أو يحجبه ، ومنه الغاشية بمعنى الداهية التي تهجم على الإنسان ، وقد همه.
فهؤلاء الأشقياء الذين ألقوا فى جهنم ، سيكون لهم مهاد ، كما لأهل الجنة مهاد ، ولكن هذا المهاد من النار! وسيكون فوقهم ظلّة تظلهم ، كما لأهل الجنة ظلال تظللهم ، ولكنها ظلة من لهيب جهنم ودخانها ..!
وفى قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) تعليل لهذا التنكيل بهؤلاء المجرمين ، لأنهم فوق أنهم مجرمون ، قد جاوزوا حدود الإجرام ، وبالغوا فيه ، فبجرمهم دخلوا النار ، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى فى الآية السابقة (كَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ) وبظلمهم ومجاوزتهم الحدّ فى الجرم نكلّ بهم فى جهنم ، وضوعف لهم العذاب «وكذلك نجزى الظالمين» أي نبالغ فى عذابهم كما بالغوا هم فى إجرامهم.