أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) (٣٩)
____________________________________
التفسير : قوله تعالى : (يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
تكرار المناداة بقوله تعالى : (يا بَنِي آدَمَ) لاختلاف المنادون من بنى آدم : من بين مؤمن ، وكافر ، ومشرك ، وبين منتبه وغافل ، وراغب فى الهوى وزاهد فيه .. فهم أنماط شتى ، وطوائف مختلفة ، وكأن كل طائفة منهم تنادى نداء خاصا ، وإن كان النداء عاما موجها للجميع .. وفى مخاطبة الناس بأبناء آدم تذكير لهم بأصل وجودهم ، وأنهم كانوا فى عالم التراب ، وأن من هذا التراب جاء هذا الإنسان العاقل ، السميع ، البصير ، وفى هذا ذكرى وموعظة لأولى الألباب.
وفى قوله تعالى : (إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ) أصل إمّا : إن ، وما ، وهما شرطيتان ، للتوكيد.
وفى قوله تعالى : (يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي) قصّ الآيات : حكايتها كما هى ، دون تبديل أو تحريف فيها ، ومنه قصّ الأثر وهو تتبعه. وفى هذا إشارة إلى أن الرسل إنّما يبلغون ما أنزل إليهم من ربهم ، وأنهم لا يأتون بشىء من عند أنفسهم.
والناس فيما يلقاهم به الرسل من آيات الله وكلماته ـ فريقان : مصدّق ومكذب .. مؤمن وكافر ..
فمن صدّق وآمن ، وعمل بمقتضى صدقه وإيمانه ، فاتّقى الله ، واستقام على شريعته ، فأنى ما تأمر به ، وانتهى عما تنهى عنه ، فقد سلم ، ونجا ، وأمن