الإنسان ، والتي كثيرا ما تفسد عليه دينه ، ثم الإثم والبغي بغير الحق ، وهما آفتان من الآفات المتسلطة على الناس فى الحياة ، حيث تدفع أهواء النفس وشهواتها بالناس إلى مقارفة الآثام ، وإلى عدوان بعضهم على بعض ، لإشباع تلك الشهوات ، واسترضاء هذه الأهواء .. ثم الشرك بالله ، والمراد هنا هو ليس الشرك الصريح ، القائم على عبادة غير الله ، والإقرار بألوهية إله أو آلهة غيره ، فذلك كفر بالله ، لا يعدّ صاحبه فى المؤمنين أبدا ، وإنما المراد بالشرك هنا الشرك الخفىّ الذي يتدسّس إلى الإنسان من غير أن يشعر به ، وذلك كالاستدلال للناس استذلالا يقرب من العبادة ، والنظر إليهم نظرة من يملكون التصرف فى ملك الله ، بما صار إلى أيديهم من سلطان أو بسطة فى المال وسعة فى الرزق ، وكالاستظلال بظلّ ولىّ أو دعىّ ، يدّعى الولاية أو تدّعى له لولاية ، حيث يذهل المستظل به ، عن إقامة وجهه خالصا لله .. فهذا ونحوه هو من قبيل الشرك بالله ، وإن لم يكن شركا صريحا .. ولهذا وصف الشرك هنا بقوله تعالى :
(ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) أي هو شرك لا حجة عليه ، ولا دليل بين يديه ، وإنما هو وهم وضلال .. وكل شرك لا حجة له ، ولا دليل عليه ، وإنما وصف الشرك هنا هذا الوصف ليلفت المؤمنين إليه ، وليحذروا منه ، لأنه شرك خفىّ ، والمؤمن حريص على أن يتجنب الشرك كلّه ، جليّه وخفيّه ، فإذا قيل له احذر الشرك الذي لا حجة ، له جعل يقلب وجوه الأمور التي بين يديه إذ ربما يكون فيها ما هو من هذا الشرك الخفي ، وحاول أن يزن هؤلاء الأشخاص الذين استذل لهم ، أو استظل بهم ، بميزان الحق والعقل ، وهل لهم مع الله ما يملكون به ضرّ أو نفعا ، وهنا ينكشف له الأمر ، ويرى أن كل شىء لله ، وأنه ليس لأى مخلوق ـ مهما بلغ من جاه أو سلطان ـ سبيل إلى شىء من ملك الله ..
أما المشركون شركا صريحا فإنهم يجعلون لمن أشركوا به سلطانا ، لأنهم