أشرنا إلى ذلك من قبل) (١).
وفى الجنة رزق موفور وخير كثير .. ولآدم وزوجه أن يأكلا من كل فاكهة فيها ، إلا تلك الشجرة التي أشار الله سبحانه إليها ، ونهاهما عن الأكل منها.
ولم تكن هذه الشجرة إلا واحدة من أشجار الجنة ، ولم يكن النهى عن الأكل منها إلا ابتلاء لآدم وزوجه ، وإلا تحريكا لأشواقه إليها ، وإلا تعجيلا بإظهار إرادته ، وترددها بين امتثال أمر الله وعصيانه ..
وفى هذا الموقف الذي يتأرجح فيه آدم بين الإقدام والإحجام ، تجيئه دفعة مغرية بيد الشيطان ، تدفعه إلى الخروج عن أمر ربه ، فيأكل من الشجرة التي نهى عن الاقتراب منها!!
وهنا يبدأ آدم وزوجه يعرفان أن لهما إرادة ، وأنهما قادران بتلك الإرادة على أن يتصرفا كيف يشاءان ، ولو كان فى ذلك عصيان ربهما.
ومن هنا يولد آدم ميلادا جديدا .. فإذا هو الإنسان العاقل ، المدرك ، المريد ..
وإذ يفتح هذا المولود الجديد عينيه على الوجود ، يرى كل شىء على غير ما كان يراه من قبل ..
وها هو ذا يرى أنه عريان لا يستره شىء كسائر الحيوان ، فيخجل من نفسه ، ويرى سوأته ـ وكأنه يراها لأول مرة ـ فيحاول سترها بما يقع ليده ..
__________________
(١) انظر الكتاب الأول من : «التفسير القرآنى للقرآن» فى بحثنا : «آدم ، مادة خلقه ، وجنته» ص : ٥٤