والدّين ـ كما قلنا ـ هو أمانة بين العبد وربّه ، والحلال بيّن والحرام بيّن ، وخير للمرء أن يلقى الله عاصيا من أن يلقاه منافقا ، يمكر به وبآياته ، فذلك منكر إلى منكر وبلاء إلى بلاء ، إذ هو إلى جانب ارتكاب المنكر ، استخفاف بالله ، وإنكار لعلمه به ، وقدرته عليه ..
____________________________________
الآية (٩٣)
(لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (٩٣)
____________________________________
التفسير : الجناح : هو اللّوم ، والمؤاخذة ، على أمر فيه حرج وضيق.
وفى قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) بيان لسعة فضل الله على المؤمنين ، وأنّه وقد أحل لهم الطيبات ، وحرّم عليهم الخبائث ، فإنهم فى سعة من أمرهم فيما يطعمون ، حيث لا تطلب أنفسهم إلا الطيب ، على حين تعاف الخبيث وتنفر منه .. فهم ـ والأمر كذلك ـ لا يجدون حظرا على أي طعام يشتهونه ، ولا يستشعرون حرجا إزاء أي طعام حرّم عليهم .. إذ كان فى الطيب ما يصرفهم عن الخبيث الذي لا تشتهيه إلّا نفس خبيثة ..
وقوله تعالى : (إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) هو قيد وارد على رفع الحرج عن المؤمنين فيما يطعمون ، وفى استغنائهم عن الحرام بالحلال ، وعن الخبيث بالطيب ..
فالمؤمن إذا ما اتقى الله وعمل الصالحات .. صلحت نفسه ، وطابت طبيعته