المشركين ، ويقضى عليهم ، ويقيم من بعدهم من يخلفهم على ما فى أيديهم من نعم الله وعطاياه ، وأن إمهاله هو رحمة من رحمته وإحسان من إحسانه ، ليكون فى هذا مظاهرة للحجة عليهم ، وقطع الأعذار دونهم ..
قوله تعالى : (إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) هو خطاب للمشركين وما يتوعدهم الله به ، وهو انتقالهم مما هم فيه ، وقيام من يخلفهم على ما فى أيديهم. فهو أمر كائن ، لا بد منه ، إن لم يكن اليوم فغدا أو بعد غد ، وإنهم مهما استطالوا وبغوا فلن يعجزوا الله ، ولن يفتلوا من سلطانه القائم عليهم ، وعلى كل موجود فى هذا الوجود.
وقوله سبحانه : (قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ) أمر للنبى الكريم أن يلقى قومه بهذا الموقف الصريح ، وأن يقطع ما بينه وبينهم من أسباب الجدل والشقاق ، وأن يدعهم وما هم فيه .. ليقبل على ما هو فيه من دعوة الناس إلى الله ، وليستقم على الطريق الذي هداه الله إليه ..
وفى قوله تعالى : (يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) تهديد ووعيد لهم ، بتركهم وما هم فيه من ضلال ..
والمكانة : المنزلة التي فيها الإنسان ، أيا كانت تلك المنزلة.
وفى قوله سبحانه : (إِنِّي عامِلٌ) مع حذف متعلق الخبر «عامل» ـ إشارة إلى أن للنبى عملا غير عملهم ، وطريقا غير طريقهم.
وقوله تعالى : (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) تهديد آخر ، ووعيد لهؤلاء المشركين ، وما سينتهى به عملهم إليه ، من البلاء وسوء المصير ، و (مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ) .. أهم الذين أسلموا لله ، وآمنوا به وبرسوله ، وبالكتاب الذي بين يديه؟ أم أنتم أيها المكذبون الضالون؟ فسوف تعلمون لمن عقبى الدار.