ويجىء الجواب من الجن والإنس : (شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا) أي أقررنا بأن رسل الله قد جاءوا إلينا بآيات الله ، وأنذرونا لقاء هذا اليوم .. وما كان للمسئولين أن ينكروا ، حيث كل شىء ينطق هذا اليوم بالحق .. ثم يجىء التعقيب على هذه الشهادة : (وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ) .. وتلك هى شهادة أهل الموقف عليهم ، بعد أن شهدوا هم على أنفسهم .. إنها تعليقات المؤمنين على موقف هؤلاء الضالين ، وما كانوا عليه من كفر وعناد ، واستخفاف بهذا اليوم الذي هم فيه.
وواضح أن المسئولين هنا من معشر الجن والإنس ، هم الغواة الضالون منهم ، الذين أنكروا رسل الله ، وكفروا بما جاءوهم به من عند الله ..
وقوله تعالى : (ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ) الإشارة هنا إلى ما كان من رحمة بعباده ، من إنس وجنّ ، وذلك بإرسال الرسل إليهم ، ودعوتهم إلى الله ، وكشف معالم الطريق إليه .. فإنه سبحانه وتعالى لا يؤاخذ عباده إلا بعد أن يعذر إليهم بإرسال رسله ، مبشرين ومنذرين ، حتى ينتبهوا من غفلتهم ، فلا يكون لهم عذر إذا أخذهم الله بالعقاب الذي يستحقونه على كفرهم وضلالهم .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (١٥ : الإسراء) وقوله سبحانه : «وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا) (٥٩ : القصص) وفى قوله تعالى : (بِظُلْمٍ) إشارة إلى أن عدل الله يقضى بألا يعاقب أحدا من خلقه ، حتى ينذره ويقيم الحجة عليه.
وقوله سبحانه : (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) أي لكل إنسان مكانته ودرجته من عمله ، أي تهيّأ له هذه الدرجة من عمله ، فإن كان عمله سيئا