التفسير : بعد أن يستوفى الناس أعمارهم فى الحياة ، ينقلون إلى الدار الآخرة بما قدموا من خير أو شر ، وبما كانوا عليه من هدى أو ضلال .. وهناك تكون المساءلة ويكون الحساب والجواب ..
وفى قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً) إخبار بهذا الأمر الذي لا بد أن يكون ، وهو الحشر ، بعد الموت .. وإن كان الكافرون ينكرون هذا اليوم فلا يعملون له حسابا ..
وفى الحديث عن الله تعالى : «بضمير الغيبة «يحشرهم» بدلا من «نحشرهم» إشارة إلى أن هذا الحشر معلوم مقرر عند المؤمنين ، وأنهم مستيقنون أن الله سيحشر الخلائق جميعا ، ولهذا صح أن يكون الحديث عن الحشر بين الله والمؤمنين إذ كان غير خاف عليهم ، على حين أنه خفى على المشركين ..
وقوله تعالى : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ) ، هو نداء من قبل الحق سبحانه وتعالى لطائفة من تلك الطوائف التي حشرت فى هذا اليوم ، وهى طائفة الجن ، ليلقى إليهم بهذا الذي كان منهم ، من جذب الكثير من الناس إليهم ، وتحويلهم من طبائعهم لانسانية إلى طبيعة الجن. (قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ) أي قد جمعتم أعدادا كثيرة منهم ، واستحوذتم عليهم ..
ولا يجيب الجن ، إذ كان الواقع يغنى عن الجواب ، بل يأخذ المبادرة بالجواب أولئك الذين انضموا إليهم من الناس ، وصاروا حزبا لهم .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا) أي قد انتفع بعضنا ببعض ، فأخذ وأعطى .. فهؤلاء الضالون قد أخذوا من الجن ما سوّلوا لهم به وما عرضوه عليهم من متاع الحياة ، وضلالاتها ..
على حين أعطوا الجن ولاءهم وطاعتهم ، وذلك إلى أن بلغوا الأجل الّذى