جميعا .. فليس للعبد شىء إذن ، إن له بالعمل نوعا من الصلة ، وهو الكسب الذي يقول به الأشعري!
ثم يقول الغزالي : «واعلم أن من ظنّ أن الله تعالى أنزل الكتاب ، وأرسل الرسل ، وأمر ونهى ووعد وتوعّد ، لغير قادر مختار ـ فهو مختلّ المزاج ، محتاج إلى علاج»!!
وهذه حجة اعتمد فيها الغزالي على النقل ، أكثر من اعتماده على العقل ..
رأى الفارابي فى الكسب
يقول الفارابي :
«وللنفس بطبيعتها نزوع ، ولمّا كانت تحسّ وتتخيّل فلها إرادة كسائر الحيوان ، غير أن الاختيار للإنسان فقط .. لأن الاختيار يقوم على الرويّة ، وميدانه ميدان العقل الخالص .. فالاختيار متوقف على أسباب من الفكر .. فكان الاختيار والاضطرار فى وقت واحد .. لأنه ـ أي العقل ـ بحسب أصله الأول ، مقدّر فى علم الله.
ثم يقول :
«والاختيار الإنسانى ، إذا فهم على هذا النحو لا يستطيع أن يقهر الشهوة إلا قهرا ناقصا ، لأن المادة تقف فى سبيله ، وعلى هذا لا تكتمل حرّية النفس الناطقة إلا إذا تحررت من قيود المادة ، أعنى إذا صارت النفس عقلا!»
وواضح أن رأى الفارابي يتفق مع رأى إمام الحرمين .. لأن الاختيار الذي يقول به ، متوقف على أسباب من الفكر .. والعقل مقدّر فى علم الله ، والإنسان إنما يعمل بما وهبه الله من عقل ..