وقد نظم بعضهم هذا شعرا ، وقرن نظرية القول «بالكسب» إلى نظرية القول «بالطّفرة» عند النظام ، والقول «بالحال» عندهم أبى هاشم : فقال :
مما يقال ولا حقيقة عنده |
|
معقولة تدنو إلى الأفهام |
الكسب عند الأشعري والحال |
|
عند البهشمىّ وطفرة النظام (١) |
والذي جعل الأشعري يقول «بالكسب» هو ما رآه فى الإنسان من إرادة وقدرة على الفعل أو الترك ، ثم ما يراه من جهة أخرى من قدرة الله المطلقة الشاملة ، وعلمه المحيط بكل شىء ، فلم يرتض أن يقول إن العبد خالق لأفعاله ، لأن الخلق لله ، ولم يقبل أن يجعل العبد آلة مسخرة ، لأنه يراه يعمل بإرادة ، ويتحرك بقدرة ، ويقدم أو يحجم عن تقدير وتفكير .. فلا بد ـ والأمر كذلك ـ أن يضيف إلى الإنسان شيئا مما يعمل ، لا كل ما يعمل ، وسمّى هذا «كسبا».
يقول الأشعري : «والعبد قادر على أفعال العباد .. إذ الإنسان يجد من نفسه تفرقة ضرورية ، بين حركات الرّعدة والرعشة ، ـ التي هى حركات اضطرارية ـ وحركات الاختيار والإرادة .. إن الحركات الاختيارية حاصلة من اختيار القادر .. والمكتسب هو المقدور بالقدرة الحادثة».
وعلى أىّ ، فإن نظرية «الكسب» هذه ، قد أثارت جوّا من التفكير عند الباحثين فى هذه المشكلة ، وكانت معتمد الذين لا يقولون بقول المعتزلة ، من أن للإنسان اختيارا مطلقا فى أفعاله ، وإنّما للإنسان نوع من الاختيار ، ودرجة من الإرادة ، حيث يضعون الإنسان فى منزلة بين الاختيار والجبر ،
__________________
(١) البهشمى : هو أبو هاشم ووالده أبو على الجبائي من شيوخ المعتزلة .. وقد ركب اسمه «أبو هاشم» تركيبا مزجيا «بهشمى».