التفسير : فى هذه الآيات أمور :
أولا : صلتها بالآيات التي قبلها.
فهنا قضية ، يعرض فيها موقف الإنسان من الإيمان بالله ، وأن النّاس ليسوا سواء فى الانتفاع بما أودع الخالق فيهم من قوى العقل والإدراك ، للتهدّى إلى الخالق والبحث عنه ، والإيمان به ..
وهناك فى الآيات السابقة مواقف للمشركين من الدعوة الإسلامية ، وتأبّيهم عليها ، وإعراضهم عنها ، بعد أن جاءتهم بآياتها المشرقة ، وأقامت بين أيديهم شواهد ناطقة تشهد بوجود الله ، وتوقظ قلوبهم النائمة ، وتنبه عقولهم الغافلة ، إلى النظر إليه فى ضوء تلك الآيات البينات ..
فما أبعد الشّقة بين الموقفين ، وما أشد التباين بين الحالين!
وهنا إبراهيم ، الذي هو الأب الأكبر لهؤلاء المشركين من قريش ، والذين يدّعون ـ كذبا ـ أنهم على دينه ، يطوفون بالبيت الذي طاف به ، ويعبدون الإله عبده أبوهم الأول ، إبراهيم عليهالسلام.
وهناك هؤلاء المشركون من أبناء إبراهيم ، وتلك أصنامهم التي شوّهوا بها معالم البيت العتيق ، وأفسدوا بها الدّين الحنيف ، الذي عبد الله عليه فى هذا البيت ، الذي لا يزال قائما يشهد هذا السفه الذي هم فيه.
وهنا داع يدعو إلى الله ، هو إبراهيم عليهالسلام ، ويقف من الأصنام وعبّادها هذا الموقف الذي تتهاوى فيه الأصنام ، حين يفضحها بمنطقه ، قولا ، وعملا.
وهناك داع يدعو إلى الله ، بدعوة إبراهيم ، هو محمد ، صلوات الله وسلامه عليه ، ويقف من تلك الأصنام وقفة إبراهيم ، فيفضحها ويكشف ضعفها وعجزها ، ثم يدعها لتدفن فى غياهب الضّياع.