لَها مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) (٧٠)
____________________________________
التفسير : بعد أن صرّف الله الآيات للنّاس ، وأبان لهم فيها معالم الطريق إليه ، فآمن من آمن ، وكفر من كفر ، أمر سبحانه النبىّ الكريم ، أن يخلص بنفسه وبدينه من المشركين ، وألا يتحكك بهم ، حتى لا يسمع منهم ما يكره ، أو يرى منهم ما يسوء.
وإذ كان النبىّ ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ حريصا على هداية قومه ، وإذ كان بينه وبينهم هذه الرابطة من صلات القربى والمخالطة فى الحياة ، الأمر الذي يشق على النبىّ ويعنته ، إذا هو اعتزلهم عزلة كاملة ، وقطع ما بينه وبينهم من صلات ـ فإن الله سبحانه وتعالى قد قصر هذا الأمر للنبىّ باعتزال قومه والإعراض عنهم ، على الحال التي يخوضون فيها فى آيات الله ، ويتخذونها هزوا وسخرية ، ففى تلك الحال ينبغى على النبىّ ألّا يخوض معهم فى هذا الحديث ، وألا يجادلهم فيما يخوضون فيه ، بل يترك هذا المجلس الذي هم فيه ، لأنهم على منكر ، وهو لا يستطيع أن يغيّر هذا المنكر بيده ، أو لسانه ، فليغيّره بقلبه. بتلك الصورة التي يريهم منها منطقا عمليا لما ينكره عليهم .. (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) .. والخوض فى الحديث ، معناه إرسال القول جزافا ، بلا حساب ولا تقدير ، وذلك لا يكون إلا فى مجال الاستهزاء والاستخفاف بالحديث الذي يدار.
وليس الإعراض الذي يكون من النبىّ فى تلك الحالة ، هو إعراض دائم متصل أبدا ، وإنما هو إعراض موقوت بهذا المجلس ، وبكل مجلس يكون فيه