فهو ـ والحال كذلك ـ مصمت مغلق ، لا يتصل بشىء ، ولا يتصل به شىء.
ثم إنه ـ بعد هذا كله ـ أعمى ، لا يرى شيئا ، حتى جوارحه التي معه ، من يد أو رجل!!
هذا هو حال الذين كفروا بآيات الله ..
إنهم كائنات ميّتة ، وإن بدت حيّة ، فى صورة الأحياء .. فقد تعطلت حواسّهم ، وأظلمت قلوبهم وعقولهم ، وبهذا لم يكن بينهم وبين آيات الله تعامل ، بسمع ، أو نظر ، أو عقل!
وقوله تعالى : (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) هو عرض لمشيئة الله ، وقدرته ، وحكمته .. وأنه سبحانه وتعالى هو مالك الملك ، إليه يرجع الأمر كلّه ..
وهؤلاء اللذين عصوا الله ، وضلّوا عن سبيله ، لا يظنون أنّهم أصحاب قوة وسلطان .. إنهم أذلّاء ضعفاء لا يملكون شيئا .. حتى هذا الضلال الذي هم فيه .. إنه ليس لهم ، وليس من واردات حولهم وقوّتهم .. إن هناك سلطانا فوق سلطانهم ، وقدرة فوق قدرتهم ، وبذلك السلطان وبتلك القدرة هم محكومون ، وهم صائرون إلى هذا المصير المشئوم الذي هم فيه .. فليموتوا كمدا وحسرة .. إنهم ممن شاء الله أن يضلّهم ، لأنهم أهل لما أراده الله بهم!
وهؤلاء الذين استجابوا لله ، وآمنوا ، واستقاموا على طريقه القويم ، إنما كانت استجابتهم ، يدعوة من الله ، وتوفيق لهم منه ، إلى الإيمان ، وأن الله سبحانه وتعالى ، هو الذي أخذ بأيديهم إليه ، وأدخلهم فى عباده الصالحين ، ولو لا ذلك لكان شأنهم شأن هؤلاء الضالين ، الذين لم يرد الله أن يطهّر قلوبهم ،