فيها ـ ألم يكن فى هذا تجربة لهم ، لو أنهم أحسنوا النظر إليها ، وانتفعوا بمعطياتها؟ إنهم لن يرجعوا أبدا عما هم فيه من ضلال .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى فى الآية الواردة بعد هذا فى قوله سبحانه : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ).
وفى قوله تعالى : (يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا) ما يسأل عنه .. وهو : ما وجه النصب للفعل «ولا نكذب» مع عطفه على الفعل المرفوع قبله : (يا لَيْتَنا نُرَدُّ)؟
القراءة المشهورة : «ولا نكذب بالنصب» وقد قرئ «ولا نكذب» بالرفع عطفا على «نردّ».
ووجه النصب أن «ليت» تفيد التمني ، بمعنى نتمنى أن نردّ ، ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين .. فسلّطت على الفعل «نردّ» باعتبار ، لفظها ، ثم سلطت على الفعل «نكذب» باعتبار معناها!
وقوله تعالى : (بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) هو إضراب على أمانيّهم التي تمنوها ، وتيئيس لهم منها ، لأنها أمان لم تجىء إلا عن خوف وهلع من هذا الموقف الذي هم فيه ، حين انكشف لهم ما كانوا يخفون من شرك بالله ، وما يجرّهم إليه هذا الشرك من مصير مشئوم ، وعذاب أليم ..
وقوله تعالى : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) هو فضح لكلماتهم الكاذبة ، التي أجراها على ألسنتهم سوء الموقف ، ولفح السعير!!
وقوله تعالى : (وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ). هكذا كان دينهم فى الحياة الدنيا ، دين يقطع أصحابه عن النظر فيما وراء هذه الحياة الدنيا التي استغواهم فيها الغىّ ، وركبهم الضلال ، فأضافوا وجودهم كله