اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ» (٢٣ : الأنفال).
وقوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ) يكشف عن طبيعة هؤلاء القوم.
وأنهم لا يتحركون إلا إلى الشرّ ، ولا يعملون إلا لما هو شرّ ..
فهم إذا جاءوا إلى النبىّ ، لم يجيئوا لطلب حق ، أو تعرّف على خير ، وإنما هم يجيئون للمجادلة ، والسّفاهة ، والاستهزاء .. إن الحال التي تتلبس بهم ، وتستولى عليهم ، وهم يسعون إلى لقاء النبي ، والاستماع إليه ـ هى المجادلة ، والمماحكة ، ولا شىء غير هذا ..
وقوله تعالى : (يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) هو بيان لما تكشفت عنه حالهم ، وانتهى إليه أمرهم ، من هذا الموقف الذي جاءوا فيه إلى النبي ، مستمعين مجادلين ، لا طلاب علم واستفادة ..
والأساطير جمع أسطورة ، وهى ما كان من واردات الخيالات والأوهام ، وملفقات الأحاديث .. فهذا هو حكمهم على ما استمعوا إليه من كلام الله : (إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) وتلك هى أسلحة المكابرين المعاندين فى معركتهم الخاسرة مع الحق .. فحين تسقط من أيديهم كل حجة ، يلقون بهذه الترهات وتلك الأباطيل ، لتكون وقاية لهم مما لبسهم من خزى وما لحقهم من هزيمة ..
وفى وصفهم بالكفر ، هكذا : (يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا) بدلا من أن يقال : «يقولون» هو حكم عليهم بالكفر ، وإدانة لهم به ، إذ قالوا عن القرآن الكريم : (إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ).
وقوله سبحانه : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) .. الضمير فى «عنه» يعود إلى القرآن الكريم ، الملحوظ فى قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ).
وجناية هؤلاء المشركين هنا جناية غليظة ، وجرمهم فظيع شنيع .. إذ لم