العناد والتحدّى .. فقد ركبوا رءوسهم ، واتبعوا أهواءهم ، واعتصموا بما هم فيه من شرك وضلال .. وهكذا كل من يلقى الأمور بظهره ، وينظر إلى الأشياء بعين هواه ، لا يرى الحقّ أبدا ، حيث لا يستمع لكلمة ناصح ، أو يستجيب لدعوة داع ..
وهؤلاء المشركون .. لن تتغيّر حالهم أبدا ، ولن يتحولوا عمّا ركبهم من شرك وضلال ، ولو جاءهم النبىّ بكل آية.
وقوله تعالى : (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) يكشف عن هذا العناد الذي انعقدت عليهم قلوب الكافرين من أهل مكة ، وأنهم لن يؤمنوا أبدا ، ولو نزّل عليهم كتاب من السماء ، مكتوب فى قرطاس يرونه ، ويلمسونه بأيديهم ..
والمراد بالذين كفروا هنا ، هم الذين كتب الله عليهم الشرك من مشركى مكة ، الذين لم يدخلوا فى الإسلام ، وماتوا على الكفر .. وهم الذين أشارت إليهم الآية الكريمة فى قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٦ : البقرة)
فالخطاب فى قوله تعالى : (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) لا يراد به جميع المشركين من أهل مكة ، الذين ووجهوا بهذا الحكم ، وإنما يراد به تلك الجماعة التي ظلت سادرة فى غيها وضلالها ، إلى أن ماتت على كفرها وشركها.
وقوله تعالى : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ) هو من مقترحات هؤلاء الكافرين الذين ماتوا على كفرهم .. إنهم يأبون أن يقبلوا إنسانا بشرا يحدّثهم عن الله ، ويجىء إليهم بكلماته .. وقد قالها من قبل أهل ثمود ، قوم صالح عليهالسلام ، كما أخبر القرآن الكريم عنهم : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ فَقالُوا