واحد ، وطريق واحد .. من قصد وجها غير وجهه ضل ، ومن سلك طريقا غير طريقه هلك.
هذا بعض ما ينكشف من قدرة الله ، وعلمه وحكمته ، فيما تعرضه كلمات الله : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ).
وقد كان جديرا بالإنسان ، وقد منحه الله نظرا يبصر ، وأذنا تسمع ، وعقلا يعقل ويدرك ، ومشاعر تتأثر وتنفعل ـ كان جديرا به أن يرى الخالق فى هذه الأكوان التي أبدعها ، وفى هذا الوجود الذي أقامه ، ولكن كثيرا من الناس يذهله اشتغاله بنفسه ، وبدواعى نزعاته وأهوائه ، عن أن يفتح قلبه لهذا الوجود ، ولذلك فهو يعيش مغلقا على نفسه ، مقوقعا فى ظلمات جهله وسفهه .. (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ) (١٠٥ : يوسف).
وكثير من الناس أيضا ، يرى ، ويبصر ، ويعقل ، ثم يركبه شيطانه ، فيغمض عينه عما رأى ، ويصمّ أذنه عما سمع ، ويتهم عقله فيما عقل ، وإذا هو ممن يمكرون بآيات الله ، ويولّون وجوههم عن الله إلى آلهة اتخذوها ، وأرباب صطنعوها وعبدوها ..
(ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) أي ثمّ بعد هذه الآيات البينات ، يكون فى الناس من يكفر بالله ، ويجعلون له أندادا ، يسوّون بينهم وبينه ، ويجعلونهم عدلا له وندا؟
وفى العطف بحرف «ثمّ» ما يشير إلى التهديد والوعيد لهؤلاء الذين كفروا بالله ، بعد أن ملأ الله عليهم هذا الوجود بالآيات الناطقة بوجوده ، الدالّة على كمال قدرته ، وشمول علمه ، وبسطة سلطانه .. ففى هذا العطف