الفيل فى ضخامة جسمه ، وقوة احتماله ، ليس أبلغ من النملة فى الدلالة على قدرة الله ، وعلمه ، وحكمته ..
بل ربما كانت النملة فى جرمها الصغير تحمل من الأجهزة العاملة ، مالا يحمله الفيل فى كيانه الضخم العظيم ..
وإذن فلكى تكون الأرض فى صغرها مثل السموات فى كبرها ، وامتداد آفاقها ، ينبغى أن يكون النظر إليها بعين المستبصر الباحث ، الخبير .. فإنه حينئذ تصغر السموات ، وتصبح أي رقعة من الأرض أكثر من سماء ، وأكبر من سماوات .. إذ كان سلطان الإنسان على الأرض ، وعمله فيها ، على حين لا سلطان له على السماء ، ليكشف أسرارها ، ويقف على عوالمها التي لا تنتهى حدودها ..
وإذن ـ مرة أحرى ـ فهذه المناظرة التي بين السموات والأرض ، فى قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) هى إشارة سماوية إلى الإنسان أن يكشف مجاهل هذه الأرض التي يعيش عليها ، وأن يفتش فى الكشف عن أسرارها ، فإنه إن فعل لم يستصغر الكوكب الذي يعيش فيه ، ولوجد فيه ما يذهل ويروع من آيات الله.
وثانيا : قوله تعالى : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) مع قوله تعالى فى السموات والأرض (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) ..
فهل ثمة فرق بين الخلق والجعل؟ أم أن الخلق هو الجعل ، والجعل هو الخلق؟ وأن اختلاف اللفظ مع اتفاق المعنى هو أسلوب من أساليب القرآن ، تحاشيا للتكرار وثقله ، كما يقول بذلك المفسرون؟
والقول بأن اختلاف اللفظ مع اتفاق المعنى ، إنما داعيته هى أن ينأى القرآن به عن الرتّابة والثقل بتكرار اللفظ ـ هو قول إن قيل به فى أساليب