ولهذا دعا الله سبحانه وتعالى الرجال الذين يبتلون بالمرأة المعوجّة ، ألا يعجلوا بالخلاص منها ، فقد يكون داؤها عارضا ، وقد يكون فى بعض الدواء ما يذهب بدائها ..
(وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ..) .. إنها مراحل ثلاث ، يقطعها الرجل مع المرأة التي لا يتّسق خطوها مع خطوه ، ولا ينتظم شأنها مع شأنه ..
العظة أولا ، وإسداء النصح ، بالكلمة اللينة .. وقد تقبل المرأة هذا الدواء ، ويكون فيه شفاؤها ، وإصلاح أمرها .. وهذا علاج نفسىّ.
ثم تجىء المرحلة الثانية لمن لم تنفعها الموعظة ، ولم تؤثّر فيها الكلمة الطيبة .. وهى الهجر فى المضاجع!.
وهذا عقاب بدني ونفسى معا ..
فإذا كان فى ذلك شفاؤها من دائها ، عاد إليها الزوج بصفحه ومودته ورحمته ..
وإلا كانت المرحلة الثالثة .. وهى الضرب! وهو عقاب بدني خالص .. وينبغى أن يكون هذا الضرب أولا وأخيرا تحت شعور التأديب والإصلاح ، كما يؤدّب الأب صغاره .. فإن مال إلى التشفّي والانتقام كان عدوانا (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ).
وفى قوله تعالى : (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) رسم للطريق القويم لهذه المرحلة ، وضبط لحدودها ..
وفى قوله سبحانه : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً) تذكير للرجال بما لله من سلطان ، فى علوّه وكبريائه ، وأنهم إذا بسطوا أيديهم بالبغي ومجاوزة الحدّ ، كانت يد الله مبسوطة عليهم بالعقاب والانتقام!