إلا جزاء لما كسبت أيديهم من سوء ، وما اكتسبت ألسنتهم من إثم .. وإلا فهم خلق من خلق الله ، وعباد من عبيده ، لم يخصّهم بهذه اللعنات التي مسخت وجودهم وغيّرت خلقهم ، إلّا لما كان منهم من محادّة الله ورسله ، ومكر بآياته وكتبه.
ولو أنهم آمنوا كما آمن المؤمنون ، واتقوا الله كما اتقى المتقون ، لكفّر الله عنهم سيئاتهم ، ولمسّهم برحمته ، وأفاض عليهم من رضوانه ، ولسلك بهم مسالك الحق والهدى .. ثم كان جزاؤهم فى الآخرة أن ينعموا بجناته التي أعدّها للمؤمنين المتقين من عباده.
فهذا مشهد يراه «اليهود» وكان من حقهم ـ لو عملوا له ـ أن ينالوه ويسعدوا به .. ولكنهم ـ وقد نكصوا على أعقابهم ـ لن ينالوه أبدا ، ولن يأخذوا نصيبهم منه أبدا.
وقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) ـ هو إشارة إلى ما بين أيديهم من خير ضيّعوه ، وما معهم من نور أطفئوه!
فهذه التوراة .. يقول الله فيها .. (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ) (٤٤ : المائدة).
وهذا الإنجيل .. يقول الله فيه .. (وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ) (٤٦ : المائدة).
وهذا القرآن .. يقول الله فيه .. (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (٢ : البقرة).
هذه الكتب المنزلة من عند الله ، تحمل الهدى والنور .. هى بين يدى