٢ ـ العدول عن ذكر القرآن ؛ وتسميته بالكتاب ، إشارة إلى أنه الأصل الذي ترجع إليه الكتب السماوية التي نزلت على الأنبياء من قبل ، والتي هى جميعها كتاب واحد.
٣ ـ فى وصف الكتاب بالحق ـ مع أن نزوله من عند الله ، يخلع عليه هذه الصفة من غير وصف ـ هو توكيد لما يحمل من الحق ، وصيانة لهذا الحق من أن يقع تحت تحريف أو تبديل ، إذ كان منزلا بيد الله .. (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ) .. إنه غرس من غرس الله ، ولن يتعرض هذا الغرس الإلهى لأية آفة من الآفات التي تعرّض لها غيره .. وهذا ما يشير إليه قوله سبحانه : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ).
وفى قوله تعالى : (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) أمور أيضا :
١ ـ أن هذا الكتاب مصدق لما بين يديه من الكتاب .. والكتاب الأول هو القرآن ، والكتاب الثاني هو جميع الكتب السابقة ، أي هو مستول عليها ، ومشتمل على أصولها ، التي تنضبط عليه ، وترجع عند تأويلها إليه ..
وقوله تعالى : (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) هو خطاب للنبى أن يحكم بين المحتكمين إليه من اليهود والنصارى ، بما أنزل الله ، وأن يكون القرآن الذي بين يديه هو عمدة الأحكام ، يرجع إليه ، وتضبط أحكام الكتب السابقة على أحكامه ، فما وافقه منها أخذ به ، وما خالفه اعتبر محرفا ومبدلا ، ليس من كتاب الله ، ولا من شريعة الله.
وقوله سبحانه : (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ) هو تنبيه للنبىّ ألّا يمدّ بصره إلى تحريفات أهل الكتاب ، وإلى الشرائع التي أحدثوها .. وحسبه ما بين يديه من الحق الذي يجده فى القرآن الكريم.