الإسلامية ، ورسالة رسولها محمد بن عبد الله .. وفى هذا دعوة لليهود أن يلتقوا مع رسالة الإسلام ، وأن يؤمنوا كما آمن الناس ، وإلا فهم على غير دين الله ، إذا كان ما معهم من شرع لا يلتقى من شريعة الإسلام ، فى الإيمان بالله ، وما شرع الله.
وقوله تعالى : (وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ) هو عطف على قوله سبحانه (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ) أي ويحكم بها ـ أي بالتوراة ـ الربانيون والأحبار ، مشهدين بما تلقوا على يد الرسل والأنبياء من شريعة التوراة ، وكانوا هم أنفسهم شهودا على ما تلقوا .. وفى هذا تحريض لأحبار اليهود وعلمائهم الذين عاصروا النبوة والذين جاءوا بعدهم أن يكونوا على ما كان عليه أنبياؤهم ، وحواريّو هؤلاء الأنبياء ، من الحكم بما أنزل الله ، دون تحريف ، أو تبديل .. وإلا فهم ليسوا ربانيين ولا أحبارا.
وقوله سبحانه : (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) توكيد للدعوة التي دعى إليها هؤلاء الربانيون والأحبار ، وهو أن يرقبوا الله ويتقوه فيما فى أيديهم من كتاب الله ، وألا تغلبهم شهوة المال على الوفاء بعهد الله ، وأداء الأمانة التي اؤتمنوا عليها .. والميثاق هو الذي واثقهم الله عليه فى قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) (١٨٧ : آل عمران).
وقوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) تهديد ووعيد لهؤلاء الرّبّانيين والأحبار ، وحكم عليهم بالكفر الصريح ، إذا هم لم يحكموا بما أنزل الله ، ولم يلقوا الناس بما فى أيديهم من كتاب الله.