الإسلام الأولى ، فإذا استقامت استقام كل شىء بعدها.
وقوله تعالى ، (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ) هو وصف لهذا الكتاب الكريم ، وما يحمل إلى الناس من «نور» هو نور الحق ، المهدى من السماء ، لينير للناس سبلهم إلى الله ، وليبدّد الظلام الذي يحجبهم عن الرؤية الصحيحة للحق والهدى ..
ووصف الكتاب بأنه نور ، ثم وصفه بأنه كتاب مبين ، هو غاية ما يمكن أن تكون عليه دعوة الحق فى جلالها ، ووضوحها ، وإشراق شمسها ، وأن من لا يرى الحق فى وجه هذه الدعوة ، ولا يتناوله منها ، هو أعمى أو متعام ، ليس لدائه دواء ، (وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ) (٨١ : النمل).
وقوله سبحانه : (يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ) سبل السلام هى طرق الحق ، التي يأمن سالكها من كل عطب ، ويسلم من كل سوء .. وهى مفعول به لقوله تعالى : (يَهْدِي). و (مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ) مفعول ثان له .. والمعنى أن الله سبحانه يهدى بهذا الكتاب إلى سبل السلام من اتبع رضوان الله ، وابتغى مرضاته ، فجاء إليه مستشفيا من دائه ، مستطبّا لعلته ، مستهديا لبصره وبصيرته .. أما من أعرض مستكبرا ، ولوى وجهه جاحدا ، فهو وما اختار لنفسه : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (١٧ : فصلت).
قوله تعالى : (وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ). هو بيان لفضل الله ولطفه بعباده الذين يوجهون وجوههم إليه .. إذ كانت عناية الله إلى جوارهم ، تمسك بهم على الطريق ، وتسدد خطاهم إلى الغاية التي يجدون عندها الأمن والسلام.