فإذا رأى المظلوم أن التشنيع على الظالم ، وكشف مساوئه للناس ؛ مما يعينه عليه ، ويأخذ له بحقه منه ـ فذلك له ، ولا حرج عليه فيه ، وقد أذن الله للمسلمين بالقتال ليدفعوا الظلم الذي كان يساق إليهم ، إذ يقول سبحانه : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)
وقد روى أن رجلا أنى النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، فقال : إن لى جارا يؤذينى ، فقال له : «أخرج متاعك فضعه على الطريق»! فأخذ الرجل متاعه فطرحه على الطريق ، فكلّ من مرّ به قال: مالك؟ قال : جارى يؤذينى .. فيقول : اللهم العنه ، اللهم أخزه. فقال الرجل ـ أي الجار ـ : ارجع إلى منزلك ، والله لا أوذيك أبدا».
وخامسا : قوله تعالى : (وَكانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً)
هو دعوة للمظلوم إلى التخفف من الجهر بالسوء من القول ، وإلى القصد فيه ، والوقوف به عند أضيق الحدود من الجهر .. فالله سبحانه وتعالى «سميع» أي قد سمع شكاة المظلوم ، وسينتصر له .. فلا حاجة إلى هذا الصراخ بهذا القول السيّء. لأنه ـ على أي حال ـ موسوم بسمة السوء ، ومن الخير تجنّبه ، أو القصد فيه ، إن لم يكن من المستطاع تجنبه .. وهو سبحانه وتعالى : «بصير» لا تخفى عليه خافية .. مما صرح به الإنسان أو أمسكه فى ضميره ، عالم بما فعله من سوء فرآه الناس ، أو غاب عنهم ..
وقوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً) ـ تفرقة بين الخير والشر ـ وأن الخير هو الخير ، على أي وجه جاء عليه .. سرّا أو جهرا ، أبداه فاعله أو أخفاه ..