وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) (٨ : الزمر).
وقوله تعالى : (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) هو بيان كاشف للحياة التي يحياها المنافقون ، وأنها حياة قلقة مضطربة ، لا تقوم على مبدأ ، ولا تستقيم على طريق ..
والذبذبة الاضطراب ، والتردد ، بين موقفين أو أكثر .. وكأنها مشتقة من الذّبّ ، وهو الدفع والطرد ، ومنه سمّى الذباب ، لأنه يطرد ، ثم يعود ، ثم يطرد ، ثم يعود ، وهكذا ..
وقوله تعالى : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) هو تيئيس لهؤلاء المنافقين ، الذين تقلّبوا فى وجوه النفاق ، ففسد وجودهم كلّه ، ولم يعودوا صالحين للعودة إلى الطبيعة البشرية السليمة .. فلا سبيل لهم ـ والأمر كذلك ـ إلى الخلاص من هذا الداء الذي تمكن منهم!
ثم إن هذا الحكم هو تنبيه إلى هؤلاء الذين هم على شاطىء النفاق ، وفى أول الطريق إليه .. وأنهم إذا لم يلتفتوا إلى أنفسهم ، ويحذروا الخطر الذي هم بين يديه ، اشتمل عليهم واحتوى وجودهم ، ولحقوا بمن سبقهم من المنافقين!
وإضلال الله للمنافقين ، إنما كانت نسبته إلى الله ، لأنه أشبه بتصديق على حكم أصدروه هم على أنفسهم ، وصنعوا بأيديهم حيثياته وأدلّته .. (وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (٣٣ : النحل).
____________________________________
الآيات : (١٤٤ ـ ١٤٧)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ