فهذه الآية هى توكيد لهذا التنبيه الذي سبق نزول القرآن به من قبل ، وتحذير جديد لأولئك الذين لم ينتهوا عمّا نهوا عنه ، والخطاب فى الآية موجّه إلى النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، هو أمر ملزم لأتباع النبىّ ، إذ كان النبيّ إمامهم وقدوتهم.
وقوله تعالى : (يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها) هو حال كاشفة للصفة التي تدور بها آيات الله على ألسنة الكافرين والمنافقين .. وهى أنها تدور للسخرية والعبث.
وقوله تعالى : (فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) هو نهى للمسلمين عن الجلوس فى هذا المجلس القائم على تلك الصفة ، وليس نهيا عاما مطلقا على تجنب الجلوس مع المنافقين والكافرين ، ففى ذلك إعنات للمؤمنين ، فقد تستدعى أحوالهم أن يكونوا بحيث لا منصرف لهم عن الحياة مع هذه الجماعة ، وتبادل المنافع معها!
على أن من السلامة لدين المؤمن أن يتجنب مجالس هؤلاء القوم ما استطاع ، فإذا مسّت هذه المجالس دينه بما يسوء ، كان أمرا لازما عليه أن يتحول عن هذه المجالس فى الحال ، ولا يخلط نفسه بها ، وإلّا حمل وزره من الإثم الذي يتعاطاه فيها أهل النفاق والكفر .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) أي لا فرق بينكم أيها المؤمنون وبين هؤلاء الأثمة ، الذين يهزءون بآيات الله ويسخرون منها ، إذا أنتم استمتعتم إلى هذا المنكر ولم تنكروه ..
وفى قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) تهديد ووعيد بهذا المصير المشئوم الذي ينتظر الكافرين والمنافقين ، ومن يلوذ بالكافرين والمنافقين ، ويركن إليهم ، ويستمع للزور الذي يدور بينهم.