حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ).
وفى هذا الموضع الذي وضع الله الإنسان فيه ، تكريم لهذا الإنسان ، وإشعار له بأنه أهل لأن يحرس نفسه من هذه الآفة المتسلطة عليه ، وأن يحتفظ بتلك الهبات العظيمة التي منحها الله إياه ، تلك الهبات التي لو التفت إليها ، وأحسن استخدامها ، والقيام عليها ، لكانت قوة حارسة له من الشيطان وخداعه ، ولكان له منها حمى لا تناله وساوسه ومغوياته .. ولكن غفل كثير من الناس عن هذا العدوّ ، بل وسالمه وأسلم زمامه له ، فكان ضياعه وهلاكه جزاء وفاقا له.
وفى قوله تعالى : (نَصِيباً مَفْرُوضاً) إشارة إلى أن هؤلاء الذين أوقعهم الشيطان فى حبالته ، واصطادهم فى شباكه ، هم من أراد الله لهم أن يكونوا فى أصحاب النار ، كما يقول سبحانه وتعالى : (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) (٧ : الشورى) وكما يقول جلّ شأنه : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (١١٩ : هود) .. وكما يقول الرسول الكريم فيما يروى عن على بن أبى طالب ، قال «كنّا فى جنازة فى بقيع الفرقد ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقعد ومعه مخصرة ، فنكّس رأسه وجعل ينكت بمخصرته ، فقال : «ما منكم من نفس منفوسة إلا وقد كتب مكانها من الجنة أو النار ، وإلّا قد كتبت شقية أو سعيدة» فقال له رجل : يا رسول الله : أفلا نتّكل على كتابنا وندع العمل؟ فمن كان منّا من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة ، ومن كان منامن أهل الشقاء فسيصير إلى عمل أهل الشقاء؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : «اعملوا فكل ميسّر .. أما أهل السعادة فميسرون لعمل أهل السعادة ، وأما أهل الشقاوة فميسّرون لعمل أهل الشقاوة .. ثم قرأ : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى).