وفى الكشف عن هذا الجانب الضعيف من هذه الأوثان والأصنام ، وعرضها لنظر عابديها فى هذه الصورة ـ صورة الإناث ـ إمعان فى تسفيه هؤلاء السفهاء الذين عبدوها ، وتخاضعوا بين يديها .. إذ كيف يستقيم هذا مع تفكيرهم ، وما أخذوا به أنفسهم من امتهان الأنثى ، ونظرتهم إليها تلك النظرة المنكرة المتكرهة؟
وكيف يكون موقفهم مع الأنثى هذا الموقف الذي ذكره القرآن الكريم عنهم فى قوله تعالى : (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ* يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ؟) (٥٨ ـ ٥٩ : النحل)
ـ كيف يكون هذا موقفهم من الإناث وهنّ خلق سوىّ ، وفلذة من فلذات أكبادهم ، ثم يكون هذا شأنهم مع تلك الصور التي يتخذونها من الحجر ، والخشب ، والمعدن ، ويلبسونها زيّ الإناث ، ويغرقونها بالحلى والزينة؟
أهذا مما يستقيم مع منطق ، أو يصح فى عقل؟
هذه صورة من الصورتين ، اللتين يعبدهما المشركون من دون الله! .. وهى صورة حسيّة ، يتعامل معها المشركون بحواسّهم ومشاعرهم ..
أما الصورة الأخرى ، فهى «الشيطان المريد» .. وهو وإن كان شيئا غير محسوس ، فإنّه يتمثل فى الأهواء المتسلطة على النفس ، وفى تلك الوسوسات الضالّة التي تزيّن للإنسان الشرّ ، وتغزيه بالضلال!
وليست تلك المعبودات ، التي يعبدها المشركون بالله ، ويتخذون لها تلك الصور والأشكال إلّا إملاء من وساوس الشيطان لهم ، وإلا مظهرا من مظاهر إغرائه وإغوائه ..