لفظ الجلالة فى
قوله تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ
إِلَّا اللهُ)؟ أم يعطف عليه قوله سبحانه (وَالرَّاسِخُونَ فِي
الْعِلْمِ)؟ وهل الواو هنا للعطف أم للاستئناف؟
وفى الإجابة على
أي سؤال من هذه الأسئلة ، عشرات من الأجوبة التي يذهب كل منها مذهبا غير مذهب
صاحبه!
وندع كل هذا ،
وننظر فى الآية الكريمة نظرا مباشرا ، يصافح وجهها المشرق ، ويتملّى بيانها المبين
..
ونقف قليلا عند
قوله تعالى : (وَما يَعْلَمُ
تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) ونطلب المعنى اللغوي لكلمة «التأويل».
وإذ ننظر فى معاجم
اللغة .. لا نجد فيها ما يشفى .. إذ لا تبعد كثيرا عن معنى التفسير ، أو التخريج ،
وقد يراها بعضهم هى والتفسير سواء ، فلا فرق عندهم بين التفسير والتأويل.
والقرآن الكريم ـ وهو
الحجة على اللغة ، وليست اللغة حجة عليه ـ يفرق بين التأويل والتفسير ، ويجعل لكل
منهما مجالا لا يعمل فيه الآخر.
يستعمل القرآن
الكريم «التأويل» للأمور الخفيّة الغامضة ، التي يخفى ظاهرها ما ضمّ عليه باطنها ،
من أمور محجبة وراء هذا الظاهر .. وبين الظاهر غير المراد والباطن المراد بون شاسع
، وبعد بعيد ، لا يبلغه إلا بصر ذوى البصائر ، ممن رضى الله عنهم ، ورفعهم إلى هذا
المقام الكريم ، الذي يطلعون منه على ماوراء الحجب من علم الله.
ذكر القرآن الكريم
أن هذا المقام الكريم ـ مقام التأويل ـ كان ليوسف عليهالسلام ، فقال تعالى : (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا
لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) (٢١ يوسف). وقال
تعالى :