عَلَيْكَ الْكِتابَ). وذلك لاختلاف المقامين ، فالله سبحانه هو الذي أنزل الفرقان ، ونسبة هذا الخبر إلى الله سبحانه وتعالى هنا هي نسبة مجردة ، لا يراد بها غير إثبات الحكم الذي تضمنه الخبر ، وهو أنه تعالى هو الذي أنزل القرآن .. أما الخبر فى قوله تعالى (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) فليس مرادا به مجرد النسبة إلى الله تعالى ، بل وبيان الصورة التي نزل عليها الكتاب الكريم ، وأنه نزل على النبي مفرقا ولم ينزل جملة واحدة.
____________________________________
الآيتان : (٥ ، ٦)
(إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٥) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٦)
____________________________________
التفسير : هنا استعراض لقدرة الله ، وكشف لمظاهر هذه المقدرة ، فيما أبدعت وصورت ، من آيات مبثوثة فى ملكوت السموات والأرض!
فهذه القدرة محيطة بكل شىء ، عالمة بكل شىء ، وهو سبحانه خالق كل شىء ، فما من شىء إلّا وهو من فيض صنعه وتدبيره ، فكيف لا يعلم ما خلق؟ (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (١٤ : الملك)
ومن شواهد قدرة الله ، وسلطان علمه ، تلك العملية التي تتخلق منها الكائنات الحية ، والتي من بعض كائناتها الجنس البشرى!
فهذا الإنسان ، الذي يفور كيانه عظمة وكبرياء. حتى ليكاد يطاول الإله فى عظمته وكبريائه ـ هذا الإنسان نشأ على يد القدرة ، وتنقّل فى أطوار الخلق ، من عدم إلى وجود .. وفيما بين العدم والوجود قطع مراحل طويلة ، وتقلب فى صور شتى .. من نطفة ، إلى علقة ، إلى مضغة ، إلى عظام عارية ، إلى عظام يكسوها اللحم ، إلى كائن له سمع وبصر وشم وذوق .. كل هذا وهو فى عالم