«ثلاث وددت أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم عهد إلينا فيهن عهد ، ننتهى إليه : «الجدّ (١) ، والكلالة (٢) ، وأبواب من الرّبا» .. وقول عمر : «وأبواب من الرّبا» أي صور منه ، وهى كما قال الرسول الكريم : «الربا ثلاثة وسبعون بابا» .. أما الرّبا الذي قطع الإسلام بحرمته ـ وهو ربا النسيئة ـ فقد جاء البيان فيه واضحا قاطعا .. وبقيت الصور الأخرى ، وهي التي ليست فى حقيقتها ربا ، ولكنها مداخل إلى الربا ، فقد تركها الإسلام خاضعة للنظر والتقدير ، حسب الظروف والأحوال. فما قد يكون مدخلا منها إلى الربا اليوم ، لوقوعه تحت احتمالات شتى ـ قد يوجد فى المستقبل من العلم ما يرفع هذه الاحتمالات كلها ، ويقيمه على أمر واحد محقق ، فيصبح ـ والأمر كذلك ـ على حقيقة واحدة ، لا مجال فيها لمفاجأت الاحتمالات ، وتوقعاتها!
وأما الحكمة فى تحريم الرّبا ـ بمعناه المعروف ـ فهى ظاهرة لمن طلبها .. يقول النبىّ الكريم : «الربا ثلاثة وسبعون بابا ، أيسرها أن ينكح الرجل أمّه ، وإن أربى الرّبا عرض الرجل المسلم».
وواضح أن الاعتداء على عرض الرجل المسلم ، ليس من الربا المعروف ، بل المراد بالربا هنا هو المعنى الملازم له ، وهو الظلم.
وإذن فنستطيع أن نفهم الحديث الشريف ، على هذا الوجه ، وهو أن المراد بالربا ، وأنه ثلاثة وسبعون بابا ـ أنه الظلم ، وأن أبواب الظلم ودرجاته هى هذه الثلاثة والسبعون بابا ..
ولما كان الرّبا ـ بمعناه المعروف ـ على رأس أبواب الظلم جميعها ، فقد جعله الرسول الكريم ، العنوان لجميع أنواع الظلم .. تشنيعا عليه ، وتنبيها إلى مكانه المشئوم بين الكبائر ..
__________________
(١) أي ميراث الجد.
(٢) أي ومعنى الكلالة.