تجاه تلك القوى المتربصة بهم ، وبالدّين الذي آمنوا به.
بدأت دعوة الإسلام هامسة ، متخافتة. تمشى على خفوت وخشية بين ظلام الشرك ، ووسط معاقل المشركين .. فلما أخذ صوتها يعلو ويبلغ الأسماع. أجلب عليها المشركون بجبروتهم وعتوّهم يلاحقون الجماعة القليلة المستضعفة ، حتى كادت تختنق الدعوة فى مهدها ، لو لا أن ثبت الله أقدام المؤمنين ، وربط على قلوبهم ، فصبروا على ما أوذوا ، وخرجوا عن أموالهم وديارهم وأهليهم ، فارّين بدينهم فى وجوه الأرض .. حتى كانت هجرة النبي الكريم إلى المدينة. فتحدّد بذلك خط سير الدعوة ، كما تحدد الأفق الذي ستشرق منه شمسها ، وتنتشر أضواؤها.
وفى المدينة قامت الخمائر الأولى لدولة الإسلام .. فكان المهاجرون والأنصار الكتيبة الأولى التي أمسكت راية الحق لتلقى بها الشرك كلّه ، والكفر كلّه ، والنفاق كلّه.
وفى موقعة بدر كان أول صدام بين الإسلام ، والكفر .. الإسلام كله ، والشرك كلّه .. ولو أن هذه المعركة انتهت بالقضاء على هذه الجماعة القليلة المسلمة ، لما قامت للإسلام بعدها قائمة ، ولما كان إسلام ولا مسلمون بعدها .. ولكن الله بالغ أمره.
فلقد قضت إرادته سبحانه أن تغلب تلك الفئة القليلة دولة الشرك ، وأن تنالها بيد قوية قاهرة ، فتقتل وتأسر ، كما تشاء!
وتشهد الدنيا كلها من تلك المعركة «معجزة ، قاهرة متحدية ، وأن الإسلام ليس أمرا من أمور هذه الدنيا التي يقتتل الناس عليها ، وإنما هو نور من نور الله ، لا تطفئه الأفواه ، ولا تحجبه الأيدى ، وأنه بالغ الذي الذي