إِلَّا بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٩ ـ ١٠ : الأنفال).
وهنا نجد المدد السماوىّ ألفا من الملائكة لا ثلاثة آلاف ، ولكن فى قوله تعالى : (بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) وفى وصف الملائكة بالمردفين ـ ما يشعر بأن وراءهم أمدادا أخرى ، تجىء مرادفة لهم ، وفى أعقابهم ، ويؤيد هذا قراءة السّدّى : (أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ).
كذلك يجيء التعقيب على هذا المدد السماوي ، بأنه لم يكن إلا بشرى للمؤمنين وتطمينا لقلوبهم ، كما جاء ذلك فى آية آل عمران ؛ التي نحن بين يديها الآن!
وقوله تعالى : (وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ) وقوله فى سورة الأنفال : (وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى) بزيادة «لكم» هناك ، لاختلاف المقامين .. حيث أن الخطاب فى آية الأنفال كان والمسلمون يواجهون الحدث مواجهة واقعية ، ويتلقون بشريات السماء وهم مشتبكون مع العدو ، فلا حاجة إلى تعيينهم بقوله سبحانه «لكم» على خلاف ما جاء فى آية آل عمران ، إذ كان نزولها والمسلمون مقدمون على حرب المشركين ، فى أحد ، فجاءت هذه الآية مع أخواتها لتذكرهم بفضل الله عليهم فى يوم بدر ، فكان التعيين بقوله «لكم» هنا لازما. إذ كان كثير من المسلمين الذين يشهدون أحدا اليوم لم يشهدوا بدرا بالأمس!
كذلك ما جاء فى قوله تعالى فى آل عمران : (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) وفى الأنفال: (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) فلاختلاف المقامين اختلف الأداء للمعنى المراد .. فالمسلمون الذين خوطبوا فى سورة الأنفال كانوا فى مواجهة المعركة فى بدر ، وقلوبهم مضطربة واجفة تنظر إلى ما يطلع عليها من فضل الله ورحمته ،