وَهُمْ يَسْجُدُونَ (١١٣) يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٤) وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) (١١٥)
____________________________________
التفسير : ذكر القرآن الكريم (أَهْلِ الْكِتابِ) فى كثير من المواقف ، وأدانهم فى كثير منها ، وكشف موقفهم من رسالة الإسلام ، ومن رسول الإسلام ، هذا الموقف العنادىّ القائم على الكيد ، والتربص!
وإذ كان أهل الكتاب ، هم اليهود والنصارى ، فقد فرق القرآن بين الفريقين ، إذ كان موقفهم من الإسلام والمسلمين مختلفا ..
كان اليهود فى وجه عداوة ظاهرة وخفيّة لدعوة الإسلام ولرسول الإسلام ، كما كانوا على كلمة سواء فى الكيد لها والمكر بها .. على حين كان النصارى على درجات متفاوتة فى موقفهم من تلك الدعوة .. تلقّاها بعضهم فآمن بها ، ودخل فيها ، وصار من أهلها .. وتلقاها بعض آخر متوقفا مترفقا ، ومباعدا مقاربا .. أما أكثرهم عنادا وأشدهم مجافاة ، فقد أنكر الدعوة ، ونأى بنفسه عنها .. لا ينالها بسوء ، ولا تناله هى بخير!
ولهذا جاء قوله تعالى : (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ* وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (٨٢ ـ ٨٣ المائدة) .. جاء قول الله هنا محددا موقف كلّ من الفريقين من الإسلام.