فى عهد الله ، وذمة المسلمين ، فيكونوا بذلك من أهل الذمّة ، وتفرض عليهم الجزية ، فيعطونها عن يد وهم صاغرون .. وهنا يرفع عنهم المسلمون الأذى والذلة التي أخذوهم بها. ولكن مع هذا لا يتخلّى عنهم روح الذلة المتسلط عليهم من داخل أنفسهم ، لأن ذلك طبيعة فيهم ، ولعنة من لعنات الله صبّها عليهم ..
وقوله تعالى : (وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ) بيان للحال التي يكونون عليها ، بعد أن يدخلوا فى ذمة المسلمين بعهد الله وعهد المسلمين. فهم وإن رفعت عنهم يد المسلمين بعد هذا العهد الذي دخلوا به فى ذمتهم ، وإن رجعوا وقد أمنوا بطش المسلمين بهم بعد هذا العقد ، فإنهم يرجعون ومعهم غضب الله الذي رماهم به ، ومعهم المسكنة التي فرضها عليهم وابتلاهم بها .. وهكذا يعيش اليهود أبدا فى كل زمان ومكان فى ذلة وفى مسكنة ، ذلة ومسكنة تلبسهم ظاهرا وباطنا .. إن سلم لهم ظاهرهم فى حال ، فلن يسلم لهم باطنهم فى أي حال .. إنها لعنة الله (وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً).
وفى قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) تعليل لهذا العقاب الأليم الذي أخذهم الله به ، والذي أجراه فيهم مجرى الدم فى عروقهم ، فكان ميراثا خبيثا ، ينتقل فى الخلف بعد الخلف إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وهو خير الوارثين!
من هذا كله نستطيع أن نقرر فى إيمان وثيق ، ثقتنا فى صدق الكتاب الذي فى أيدينا ، وفى صدق كل كلمة ، وكل حرف ، من كلمات رب العالمين ، وحروفها ـ أن ما بيننا وبين اليهود سينتهى بما حكم الله به عليهم ، وهو أنهم (لا يُنْصَرُونَ) وأن الذلة والمسكنة مضروبة عليهم إلى يوم الدين ، وأن