أن يجاحّ الله فى هذا ، أو يدفع عن نفسه ما يريد الله به .. ولكنّ رحمة الله سبحانه بعباده ، اقتضت أن يرسل إليهم رسله ، يحملون إليهم آياته واضحة بيّنة ، تهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم (فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ، وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها)
(١٠٤ : الأنعام)
وقوله تعالى : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) هو بيان لما لله على النّاس من سلطان ، وأنه يحكم فيهم ولا معقّب لحكمه ، وأنه آخذ بنواصيهم جميعا ، فإليه مرجعهم ، وبين يديه حسابهم : (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ) (٢٥ ـ ٢٦ : الغاشية).
[مبحث : الخير .. فى خير أمة أخرجت للناس]
____________________________________
الآية : (١١٠)
(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ) (١١٠)
____________________________________
التفسير : مما يكبت الضّالين من أهل الكتاب ـ وخاصّة اليهود ـ أن يروا نعمة من نعم الله تلبس أهل الإسلام ، وخاصة إذا كانت تلك النعمة بين أطواء آية من آيات الله ، المنزلة على رسول الله ، لأنهم يعلمون أن ذلك حق لا ريب فيه ، وأن تلك النعمة إن لم تكن قد أتت فهى آتية لا ريب فيها ، وهذا مما يضاعف حسرتهم ، ويملأ قلوبهم غيظا وكمدا ..
وإذ تلقّى المسلمون قوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) بالتهليل والتكبير ، وبالثناء المستطاب على الله أنّ منّ عليهم بهذا الفضل ، فرفع قدرهم بين الأمم ، وأعلى شأنهم فى العالمين ـ فإن أهل الكتاب ـ