على العلماء حقّ هو أن يعلموهم ما علموا.
والالتفات هنا من الغيبة إلى الحضور ، هو إمساك بمخانق علماء أهل الكتاب ، وهم متلبسون بهذا الضلال الذي هم فيه ، يطعمون منه ويطعمون أتباعهم من هذا الزاد الفاسد ، الذي يهلك من يتناوله ويتزوّد منه.
وقوله تعالى : (وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً) معطوف على قوله تعالى : (ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ) .. ويكون معنى القول هنا الأمر ، أو يكون معنى الأمر فى قوله تعالى : (وَلا يَأْمُرَكُمْ) القول .. أي ولا يقول لكم أن اتخذوا الملائكة والنّبيّين أربابا.
وفى قوله تعالى : (أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ما يسأل عنه .. وهو : هل كانوا مسلمين قبل أن يجيئهم الرسول ويدعوهم إلى ما دعاهم إليه؟ وإذا كان كذلك فما داعية إرساله إليهم؟
والجواب على هذا ، هو أن أتباع المسيح الذين التقوا به ، وآمنوا بدعوته ، كانوا على هدى وبصيرة من أمر تلك الرسالة الكريمة التي حملها عيسى عليهالسلام ، وهم بهذا كانوا مؤمنين ، مسلمين ، بل كان منهم الحواريون الذين أوحى الله إليهم!
فهذه هى دعوة عيسى ، وتلك هى رسالته ، وهؤلاء هم أتباعه الذين آمنوا به وحقّ لهم الانتساب إليه ، وإلى المسلمين!
ومع الأيام ، وانتقال الشريعة اليهودية المسيحية إلى مواطن غير موطنها دخل عليها كثير من الحذف والإضافة ، والتأويل ، والتخريج ، حتى أصبح لها وجهان .. وجه بدأت به ، ووجه آخر انتهت إليه ، وبين الوجهين من الخلاف ما بين الأبيض والأسود من خلاف. وتضادّ.