والجواب على هذا ، هو أن هؤلاء الضالين من أهل الكتاب ، إذ يسعون إلى إضلال غيرهم الذين استقام طريقهم على الهدى ـ هؤلاء إنما يضلون أنفسهم ، أي يغرقونها فى الضلال ، وأما هؤلاء الذين أغواهم هؤلاء الضالون ، وأركبوهم معهم مركب الضلال ، فإنهم عبء جديد يثقل هؤلاء الضلال ، ويغلظ جريمتهم ، ويضاعف إثمهم.! فالواقع ـ والأمر كذلك ـ أنهم لم يضلّوا إلا أنفسهم ، فيما سعوا فيه ، من إضلال غيرهم ، وأنهم حملوا فوق ظهورهم أوزار هؤلاء الذين أضلوهم .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ* لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) (٢٤ ، ٢٥ : النحل).
____________________________________
الآيتان : (٧٠ ـ ٧١)
(يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٧٠) يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٧١)
____________________________________
التفسير : بعد أن كشفت الآية السابقة عن بعض النوايا السيئة التي يعيش فيها فريق من أهل الكتاب ، الذين يتربصون بالمؤمنين ، ليضلّوهم ، وليفسدوا عليهم دينهم الذي ارتضوا ـ بعد هذا التفت ـ سبحانه ـ إلى هؤلاء الضّالين المضلّين من أهل الكتاب ، وخاطب فيهم أهل الكتاب جميعا ، إذ كان هؤلاء هم علماؤهم وأهل الكلمة فيهم .. فقال سبحانه :
(يا أَهْلَ الْكِتابِ) أي يأمن منّ الله عليهم بكتاب من عنده ،