وقد جاءت كلمة الحكمة مفردة فى قوله تعالى : (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) (٢٦٩ : البقرة) وفى قوله سبحانه عن داود عليهالسلام : (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) (٢٠ : ص)
والحكمة هى إصابة مواقع الحق فى القول والعمل ، فهى بهذا ضرب من الهداية والتوفيق ، يرزقهما الله من يشاء من عباده.
والكتاب المقترنة به الحكمة هنا يسبق الحكمة ، أي أن الحكمة ثمرة من ثمراته ، إذ كان طريق الوصول إلى الكتاب هو معرفة القراءة والكتابة ، حتى يمكن الإفادة مما كتب الكاتبون ودرس الدارسون .. وقد تعلّم المسيح القراءة والكتابة ، وقرأ ما كتب من كتب ، وفتح الله بصيرته وأنار قلبه بالعلم والحكمة ، قبل أن يقيمه قيّما على شريعة التوراة والإنجيل.
قوله تعالى : (وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) أي ويجعله رسولا إلى بنى إسرائيل .. فالمسيح أحد الرسل الذين أرسلهم الله إلى بنى إسرائيل ، ورسالته خاصة بهم ، مكملة لرسالة موسى عليهالسلام فيهم ، كما جاء ذلك على لسان المسيح ، فيما روت الأناجيل عنه ..
ففى إنجيل «متى» : «ثم خرج يسوع من هناك وانصرف إلى نواحى صور وصيدا ، وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليه قائلة : ارحمني يا سيد يا ابن داود ، ابنتي مجنونة جدا ، فلم يجبها بكلمة ، فتقدم تلاميذه وطلبوا إليه قائلين ، اصرفها ، لأنها تصيح وراءنا ، فأجاب وقال : لم أرسل إلّا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة» (متى : الإصحاح الخامس عشر).
وفى متى أيضا يوصى المسيح تلاميذه ، وقد بعث بهم ليبشروا ، قائلا : «إلى طريق أمم لا تمضوا ، ولا مدينة للسّامريين لا تدخلوا ، بل اذهبوا بالحرىّ إلى خراف بيت إسرائيل الضالّة» (متى : الإصحاح العاشر).