بهذا الدين وقد غير لهم وجهه ، وأدار لهم ظهره؟ وماذا لو رأى ابن الخطاب أن المسلمين قد أكثروا فى عهده من التزوج بالكتابيات ، ورغبوا فيهن عن المسلمات؟ أكان عليه ـ حسب هذا المنطق ـ أن يحىء إلى المسلمين بفتوى تحرم عليهم التزوج بهن؟ إن هذا من ذاك سواء بسواء!
إننا نلغى عقولنا ونبيعها بأبخس ثمن إذا قبلنا مثل هذه الروايات التاريخية المتهافتة ، التي تدين الإسلام ، وتدين رجلا من رجالات الإسلام كعمر بن الخطاب ، رضى الله عنه وأرضاه.
ندع هذا ، ونسير فى طريقنا مع كتاب الله ، ومع آياته البينات.
قوله تعالى : (فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ).
بعد أن قضى الله سبحانه وتعالى للمرأة المتوفى عنها زوجها بالمقام فى بيت الزوجية حولا كاملا ، مكفولة النفقة ، غير متوجه إليها بكيد يفسد عليها المقام فيه ، ويحملها على الخروج منه ـ بعد أن بين الله سبحانه هذا ، أباح للمرأة أن تخرج من هذا البيت متى شاءت خلال هذا الحول ، حسب تقديرها وتدبيرها لشئوون نفسها ، فهذا الحق ملك لها تستعمله أو لا تستعمله ، كله ، أو بعضه ، ولا سبيل لأحد عليها ، ولا حرج على أهل الزوج إن هى خرجت راغبة غير مكرهة ، ولا ضائقة!
وقوله تعالى : (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) تذكير لأهل الزوج وورثته بعزة الله وقوته ، حتى لا يعتزوا بعزتهم ، أو يغترّوا بقوتهم ، إزاء ضعف المرأة واستكانتها فى الحال التي هى فيها ، فيجوروا على حقها ، ويعتدوا على ما وضع الله فى يدها .. فما قضى الله به هو حكم الحكيم العليم ، وليس لأحد أن يعترض على هذا الحكم أو يقف فى سبيل إمضائه ، وإلا كان معتديا آثما.