وقوله تعالى : (إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) تذكير لهن بالله وبالإيمان به ، فإن من شأن من يؤمن بالله أن يتقيه وأن يستقيم على طريقه القويم ، وأن يقول قولة الحق ، له أو عليه.
قوله تعالى : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً) ذلك إشارة إلى الوقت الذي تكون المرأة فيه حلّا لزوجها لم تحرم عليه ، بأن كانت فى العدّة بعد طلاقها للمرة الثانية .. فهو أحق بها من غيره ، إن أراد أن يصلح ما أفسد ، ويقيم البيت الذي تهدم.
وفى قوله تعالى : (أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ) إشارة إلى أن هذا الحق ليس خالصا للأزواج فى ذلك الوقت. فللمرأة هنا أن تتزوج من تشاء ، وزوجها لا يعدو أن تكون واحدا ممن يتقدمون لها ، وأحقيته بها ليست حقا شرعيا ، وإنما هى حق أدبىّ ، لسالف العشرة بينها وبين زوجها.
قوله تعالى : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) أي للنساء من الحقوق على أزواجهن مثل ما للأزواج على النساء من حقوق .. فهذا ما يقتضيه العدل ، وما تقوم عليه الحياة بين شريكين ، أراد الله لهما أن يكون كل منهما سكنا لصاحبه.
وليست هذه الحقوق التي للرجل على المرأة ، والتي للمرأة على الرجل من قبيل الحقوق التي يقتضيها الغريم من غريمه ، ويأخذها بيد السلطان والقانون إن ماطله الغريم والتوى بحقه.
وإنما هى حقوق تفيض بها النفس فى سماحة ورضى ، وتنبع من عاطفة إنسانية لا يملك الإنسان دفعها ، أشبه بتلك العاطفة التي بين الآباء والأبناء ، بل ربما كانت أكثر من هذا .. إنها عاطفة الأليف إلى أليفه ، والعاشق إلى معشوقه.