من جديد .. ثم سيقوا إلى الموقف .. ثم أحضروا للحساب بين يدى الله .. ثم أخذ بهم إلى مصيرهم المشئوم!.
وإذا هم على مشارف الهاوية فى هذه الرحلة المثيرة ، قد أوقظوا من هذا الكابوس المزعج الخانق ، وما كادوا يفتحون أعينهم ، ويستشعرون وجودهم حتى رأوا أنفسهم أمام هذه المواجهة بهذا الاتهام : (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ؟) والسؤال وإن كان مطلوبا من النبىّ أن يوجهه إلى بنى إسرائيل فى هذا الإعلان العام ، فإنه سؤال مطلوب من كل إسرائيلى أن يوجهه إلى نفسه ، وأن يعطى الجواب عليه فيما بينه وبين نفسه!.
وقد يسأل بنو إسرائيل أنفسهم هذا السؤال ، وقد يجيبون عليه ، ولكنهم لا يقعون على الحق ، ولا يهتدون إليه ، وخاصة فيما بيّنه الله تعالى لهم من دلائل النبوة المحمديّة ، الناطقة به ، الكاشفة عنه ، لأنهم بدّلوا آيات الله وحرّفوا كلماته ، فكان انحرافهم عن الحق ، وتخبطهم فى الضلال ، هو مما صنعته أيديهم ، والتوت به ألسنتهم : (وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) فإنه ليس نعمة أتم وأعظم من نعمة العلم الذي يهدى إلى الحق ، ويكشف الطريق إلى الله ، فمن جحد هذه النعمة ، ومكر بها ، فقد وقع تحت غضب الله واستحق شديد عذابه.
____________________________________
الآية : (٢١٢)
(زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) (٢١٢)
____________________________________
التفسير : هذا معرض آخر للذين كفروا من اليهود ومن على شاكلتهم .. فقد زيّن لهم سوء عملهم فرأوه حسنا ، وبدا لهم أنهم فى صفقة رابحة مع