أي أنه يقدم لأيد محتاجة إليه ، ولأشخاص يسدون به حاجاتهم ، وهو مع الأرقاء لفك رقابهم ، ولكن لما كان الرقيق يمكن أن تفك رقبته من غير أن يأخذ هو المال فى يده ، بأن يشترى من مالكه ثم يعتق بيد شاريه ، أو يكون ملكا بشراء أو بغير شراء ثم يعتقه مالكه ـ فعتقه هنا إنما هو بذل المال ، وإن لم يكن مقبوضا. ولهذا كان لفظ القرآن هو اللفظ الذي لا لفظ غيره فى هذا المقام : «وفى الرقاب» أي وإنفاق المال فى فك الرقاب ، وتخليص الأرقاء وتحريرهم.
وفى قوله تعالى : (وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ) عطف جملة على جملة ، حيث عطف الفعل «أقام الصلاة» على قوله تعالى : (مَنْ آمَنَ بِاللهِ) أي البرّ : من آمن بالله ... وأقام الصلاة وآتى الزكاة!.
وإيتاء الزكاة ، بعد بذل المال على ذوى القربى واليتامى والمساكين والسائلين وفى الرقاب ـ هو فرض واجب ، على حين أن البذل المدعوّ إليه قبل ذلك ، هو من قبيل التطوع الذي لا تسقط به فريضة الزكاة!.
قوله تعالى : (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ) معطوف على «من آمن» أي البر هو آمن بالله واليوم الآخر ، و... و... والموفون بعهدهم إذا عاهدوا أي والذين أوفوا بعهدهم إذا عاهدوا.
قوله تعالى : (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ) قطع للصابرين عما قبلها ، منصوبة على الاختصاص ، إظهارا لفضل الصبر ، وأنه ملاك كل أمر ، كما بينا ذلك من قبل .. إذ لا وفاء بتكليف إلا مع عزيمة ، ولا عزيمة إلا مع الصبر ، وبالصبر.
والبأساء : الحاجة والفقر ، والضراء : ما يصيب الإنسان فى ماله أو نفسه ، أو أهله ، وحين البأس : أي حين الحرب والقتال.